الأراضي المقدسة الخضراء/GHL
تهدد التجارة غير الشرعية للطيور والسوق السوداء في فلسطين طائر الحسون الذهبي بالانقراض، في ظل عدم وجود قوانين رادعة تتصدى للمهربين، وهو ما لوحظ مؤخراً بعد إحباط عدة محاولات لتهريب هذا الطائر من الأردن إلى فلسطين، حيث تنشط تجارة تهريب طيور الحسون بشكل واسع بطرق مختلفة، لتحقيق أرباح من بيعها في السوق الفلسطيني والإسرائيلي.
ويلجأ التجار الفلسطينيون إلى تهريب طائر الحسون من الأردن إلى الضفة الغربية عبر معبر الكرامة، كنوع من التجارة المدرة للمال على أصحابها، نظراً لقلة وجود هذا الطائر في فلسطين وانقراضه بسبب الصيد الجائر والقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على استيراده، إذ يعتبر هذا الطائر محمياً بموجب القانون في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال، وتفرض غرامات مالية ضخمة على من يحاول اصطياده، وقد تصل إلى السجن في بعض الأحيان.
ويعتبر الحسون من الطيور الجميلة والنادرة، فهو صغير الحجم ويختلف لونه باختلاف الفصول والمواسم السنوية، وغالباً يكون لونه أصفر ساطع، أما في فصل الشتاء فيختلف لونه. ويتصف طائر الحسون بأنه نشيط للغاية، حيث إنه يطير باستمرار مع بعض الحركات البهلوانية، كما يتميز بصوته العذب.
ويقول تاجر الطيور أبو أحمد( 42 عاماً) إن تجارة طائر الحسون مربحة جداً، لأن الإقبال عليها كبير من قبل المواطنين، وسبب شراء هذا الطائر يكون في أغلب الأحيان للتربية بشكل فردي أو وضعه في أماكن خاصة للتزاوج والتجارة لاحقاً، فيما يشتريه آخرون فقط للاستماع إلى صوته العذب، فهناك أنواع معينة منه يمكن تعليمها الغناء بطريقة معينة ويكون صوتها جميلا جداً.
وأشار التاجر أبو أحمد في حديثه لـ”القدس العربي” إلى أن أسعار طائر الحسون تختلف باختلاف الحجم والشكل والصوت أو اللغة الغنائية الخاصة به، وكذلك باختلاف المواسم التي يتم شراؤه فيها، إذ ترتفع أسعاره في فصل الربيع لأنه موسم التزاوج وتنخفض في فصل الصيف، لأن الطائر وقتذاك يكون فرخاً صغيراً، في حين هناك أنواع معروفة يتم تهريبها إلى الضفة مثل الحسون الأبيض والحسون الأوكراني، ويعتبر الأوكراني الأكثر طلباً ويمكن توفيره بسهولة في الخارج، كذلك الأمر بالنسبة إلى الحسون الأبيض فهو يأتي من روسيا، ويعتبر نادراً ويباع بمبالغ ضخمة.
وأوضح أنه كلما كان الطائر صغيراً، كان من السهل تعلمه للغة الغنائية، لأن الحسون عندما يكبر على لغة موسيقية معينة يصبح من الصعب بل المستحيل تعليمه أخرى، كما ينصح بتعليم الصغار الغناء من عمر 6 إلى 10 أيام تقريباً مع الفصل بينهم في أماكن التعليم، لأنه لا يمكن تعليمهم الغناء في مكان واحد، فهذا يؤدي إلى خلل في اللغة التي يتعلمها.
وعن طرق التهريب التي نتبعها، منها وضع الطائر داخل الملابس والأحذية أو داخل قطعة قماش توضع عند الصدر أو البطن، ويتم ذلك بمساعدة مخدر خاص للعصافير تجنباً لإحداث الضجيج، ويتم التهريب على شكل مجموعات، وتتراوح أعدادها خلال التهريب ما بين 15 إلى 25 عصفوراً.
ويقول المقدم في الضابطة الجمركية الفلسطينية إبراهيم عياش أن المركز شديد الحرص على ضبط قضايا تهريب الطيور النادرة، لما لها من آثار سلبية على الصعيدين الصحي والبيئي وحتى الاجتماعي والوطني، لأن هذا التهريب لا يعتمد على شخص واحد فأحياناً يكون فيه استغلال لفئات ضعيفة كالطلاب والنساء، فهذا يسيء بنظرهم إلى سمعة الفلسطيني دولياً، ويعزز موقف الاحتلال من المواطن الفلسطيني بأنه مهرب وضد القانون.
وأضاف عياش في حديثه لـ”القدس العربي” أن الضابطة الجمركية تعمل على منع أي حالة تهريب سواء للطيور أو الحيوانات الأخرى عبر المعابر وتحديداً معبر الكرامة، وذلك لأن تهريب الطيور انتشر بشكل كبير في السنوات الأخيرة وأصبح تجارة لدى البعض، فيما يتم ضبط حوالي 100 شخص من التجار أو المهربين كل سنة تقريباً، ومن المعيقات التي تقلل من قدرتنا على ضبط هؤلاء التجار، هو الاحتلال وعدم سيطرتنا على المعابر.
وبين عياش وفقاً للقوانين الأردنية وتحديداً القانون البيئي، يمنع التجارة بالطيور المهددة بالانقراض، لكن للأسف اللوائح التنفيذية لهذا القانون غير مفعلة في فلسطين، وحالياً سلطة البيئة تتابع فقط قضية صيدها، لكن المشكلة الكبرى والخارجة عن السيطرة تكمن في السوق السوداء والتجارة عبر الحدود، في حين أن هناك عقوبات رادعة يفرضها الاحتلال على صيادي الطيور البرية عموماً، تصل إلى الحبس ستة أشهر وغرامة مالية تقدر بـ1200 دولار.
وحسب المادة رقم 41 من الفصل الخامس في قانون البيئة الفلسطيني رقم 7 لسنة 1999 الخاص بحماية الطبيعة والمناطق الأثرية والتاريخية، يعاقب مرتكبي الصيد الجائر في الضفة الغربية بغرامة مالية لا تزيد على مئتي دينار أردني، أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أيام ولا تزيد عن أسبوعين، وتعتبر هذه القوانين غير رادعة، وهذا ما شجع أعدادا كبيرة من تجار الطيور لتهريب الطيور من خارج حدود فلسطين.
عن مجلة القدس العربية
No comments:
Post a Comment