الأراضي المقدسة الخضراء/GHL
كشفت بعثة علمية تركية أن القارة القطبية الجنوبية، المعروفة باسم "أنتاركتيكا"، خسرت، خلال السنوات الثلاث الماضية، رقعة جليدية بما يعادل مساحة تركيا البالغة 783 ألفًا و562 كيلومترًا مربعًا.
جاء ذلك في تقرير أصدرته البعثة العلمية الوطنية التركية الثامنة، أخيرًا، استنادًا إلى بيانات جمعتها وقياسات أجرتها في تلك القارة، التي تُوصف بأنها أبرد قارات الكوكب وأكثرها جفافًا.
ومنذ مطلع فبراير/شباط الجاري، يواصل علماء أتراك ضمن تلك البعثة إجراء أبحاث علمية حول آثار التغير المناخي العالمي على القارة القطبية الجنوبية. تُجرى تلك الدراسات في جزيرة هورسشو، حيث تتمركز البعثة وتتخذها منطقة اختبار.
وخلال أبحاثهم، تمكن هؤلاء العلماء من جمع بيانات مهمة حول درجات الحرارة، وكثافة بخار الماء في الغلاف الجوي، ومناسيب مياه البحر والجليد والثلوج. كما رصدوا معدلاً متسارعًا من ذوبان الثلوج والأنهار الجليدية، عبر استخدام الطائرات بدون طيار، وطرق القياس المعتمدة على الأقمار الصناعية.
وبناءً على تلك البيانات والقياسات، قدر العلماء أنه بين عامي 2022 و2023 حدث انخفاض في مناطق الثلوج والأنهار الجليدية بجزيرة هورسشو بلغ متوسطه 7 أمتار مكعبة على مساحة 100 متر مربع تقريبًا. وهذا يعني فقدان المنطقة المرصودة حوالي 11 بالمائة من حجم الثلج والجليد بها.
وحذر العلماء من أن استمرار ذوبان الجليد والثلج بهذا المعدل المتسارع سيؤدي إلى تزايد معدلات بخار الماء في الغلاف الجوي وارتفاع تركيزات الغازات الدفيئة؛ مما قد يسفر في نهاية المطاف عن تسريع التغير المناخي العالمي.
كما حذروا من أن استمرار الزيادة السريعة في معدل ذوبان الجليد بالقطب الجنبوي يعني أن الأنهار الجليدية، التي تعد مصدر المياه العذبة هناك، ستذوب وتختفي في البحر إن أجلاً أو عاجلاً.
يذكر أن البعثة العلمية الوطنية التركية الثامنة إلى القطب الجنوبي يُجري تنظيمها برعاية رئاسة الجمهورية التركية، والتنسيق مع وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية، ومعهد أبحاث القارة القطبية بمؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية "توبيتاك".
خسارة كميات هائلة من الجليد
تعليقًا على تلك النتائج، قالت منسقة البعثة، البروفيسورة بورجو أوزصوي، إن القارة القطبية الجنوبية لا تُعاني من انخفاض في منسوب الجليد البحري فحسب، بل هناك أيضًا خسائر فادحة في الأنهار الجليدية.
وأضافت أوزصوي، لمراسل "الأناضول": "رصدنا انفصال كتل جليدية كبيرة جدًا عن اليابسة في القارة القطبية واندماجها مع مياه المحيط".
وتابعت: "لدينا قدرة على تتبع التراجع والتغيرات في الأنهار الجليدية عامًا بعد عام من خلال لقطات الطائرات بدون طيار وقراءات المعدات ومحطات الملاحة عبر الأقمار الصناعية التي أنشأناها في مواقعنا البحثية بالقارة القطبية الجنوبية".
ولفتت إلى أن البيانات التي جمعتها البعثة التركية تكشف عن خسائر ملحوظة في كمية الجليد بتلك القارة.
وقالت: "إذا قمنا بتعميم كمية فقدان الجليد التي قمنا بقياسها خلال السنوات الثلاث الماضية على القارة القطبية الجنوبية بأكملها، فإن رقعة الفقدان سيكون معادلاً لمساحة تركيا".
وذكرت أوزصوي أن النتائج التي توصل إليها العلماء الأتراك في أبحاثهم تستند إلى البيانات التي تم جمعها لسنوات، وأن الخسائر في مناسيب الجليد والأنهار الجليدية في القارة كانت واضحة ولا يساورها الشك.
تقنيات متطورة وطائرات بدون طيار
بدوره، قال الأستاذ المساعد في جامعة يلدز التقنية بإسطنبول والمشارك في البعثة، الدكتور فخري قره بولوت، إنهم يجرون دراسات للكشف الكمي عن مناسيب ذوبان الأنهار الجليدية في القارة القطبية الجنوبية.
وأوضح قره بولوت، لمراسل "الأناضول"، أن البعثة التركية تجري أعمال البحث والقياس باستخدام تقنيات متطورة وطائرات بدون طيار.
وأشار إلى أنهم لاحظوا تشققات في الأنهار الجليدية، ومن خلال حساب عرض هذه الشقوق، قمنا بتحديد مدى الخسارة في الجليد والإزاحة السنوية لكتل الثلوج.
وأضاف: "هذا يسمح لنا بمراقبة وقياس معدل الذوبان في الجليد والثلوج بصريًا وعدديًا؛ مما يوفر رؤى مباشرة حول عواقب ظاهرة الاحتباس الحراري".
عن مجلة آفاق البيئة و التنمية
https://www.maan-ctr.org/magazine/article/4155/?fbclid=IwAR2Wf_PhEsqk-8iTo4dlHYL_AB6d3If5Yb-BE7suRlGxIwqR02nxNZd88us
No comments:
Post a Comment