نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

Saturday, July 6, 2024

هل سيتمكن الفلسطينيون يوماً من "استخدام المياه العادمة المعالجة في صناعة الخرسانة الجاهزة"؟

الأراضي المقدسة الخضراء/GHLands 

الباحث حميد أبو زعرور


 يقبع العالم الآن ومنذ سنوات تحت تأثير تحديات بيئية، ومناخية ومائية دفعت للبحث عن طرق مبتكرة ومستدامة لإدارة الموارد المائية، هذا إذا تحدثنا بشكل عام. بينما تتعاظم التحديات للمجتمعات الفلسطينية، بسبب محدودية الوصول إلى موارد المياه المتاحة، وسيطرة الاحتلال على موارد المياه، والزيادة السكانية، والنمو الصناعي السريع، والتي تفاقمت بسبب عدم الاستقرار السياسي الإقليمي في المنطقة.

تتمتع فلسطين بموقع استراتيجي تمتلك بفضله أربع خزانات للمياه الجوفية، ومعدلات سقوط أمطار مقبولة نسبياً. يبلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه في الضفة الغربية حوالي 80 لتراً/يوم (حسب سلطة المياه الفلسطينية)، أي أنه يعادل نحو نصف استهلاك المياه للأشخاص العاديين في جميع أنحاء العالم، الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية.

ولأن العلم وجد لوضع الحلول، ظهرت العديد من الدراسات عن واقع المياه في فلسطين، وسبل الحماية. في ذات الاتجاه نجح الباحث حميد أبو زعرور في إيجاد فكرة تصب في صالح الحفاظ على ما هو متاح من مياه فلسطينية، في ظل تهديدات إسرائيلية متعاقبة بتقليص حصة الفلسطينيين من مياههم المنهوبة.

التقت مجلة آفاق البيئة والتنمية بالباحث أبو زعرور، ابن مدينة نابلس، والذي درس الهندسة المدنية في جامعة النجاح، وعمل نحو عام في دبي، ومن ثم أكمل مسيرته التعليمية. وعمل في مجال الترميمات في البلدة القديمة في نابلس لأكثر من عام، وعمل أيضاً في شركة الاتصالات الفلسطينية لأكثر من عام كمهندس تخطيط، قبل أن يتوجه لدراسة ماجستير هندسة المياه والبيئة في جامعة بيرزيت عام 2021، وهو على موعد مع التخرج مع مرتبة الشرف.

حصل الباحث أبو زعرور على فرصة عمل عن طريق منحة الجسر الألماني- الفلسطيني للباحثين لبضعة أشهر في معهد يوليش للأبحاث في ألمانيا كـ "باحث مساعد"، كما حصل مؤخراً على منحة للتبادل الطلابي في جامعة UAM في مدريد بإسبانيا.

في هذا التقرير نسلط الضوء على رسالة الماجستير للباحث أبو زعرور، بعنوان: استخدام المياه المكررة في صناعة الخرسانة الجاهزة.

الباحث حميد أبو زعرور خلال بحثه التطبيقي حول استخدام المياه العادمة المعالجة في صناعة الخرسانة الجاهزة

منبع الفكرة

ركز الباحث أبو زعرور على مصدر للمياه "مظلوم" مجتمعياً، حيث هناك تحفظ مجتمعي لاستغلاله، وهو المياه العادمة المكررة، فالفكرة جاءت من عدم استخدام المياه المعالجة الخارجة من محطة التنقية إلا في مجال الزراعة، وحتى في مجال الزراعة، هناك توجس من استخدامها، بسبب أعراف وثقافة مجتمعية، رغم خضوعها للعلاج.

فعليا يعد استخدام المياه العادمة (المياه المعالجة) جزء مهم من إدارة الموارد المائية المستدامة في العديد من البلدان حول العالم. وتعتبر إعادة استخدام المياه العادمة إحدى الطرق الفعالة لمواجهة ندرة المياه والحفاظ على البيئة، إما باستخدامها في الري الزراعي كما في إسرائيل، والتي تعتبر من الرواد في إعادة استخدام المياه العادمة في الزراعة، إذ تُستخدم نسبة كبيرة من مياه الصرف الصحي المعالجة لري المحاصيل. وكذلك في إسبانيا، تُستخدم المياه العادمة المعالجة لري البساتين والمحاصيل الزراعية في المناطق الجافة.

وفي الاستخدامات الصناعية، تستخدم هذه المياه في التبريد والتنظيف والتصنيع، وغيرها من العمليات الصناعية. ففي الولايات المتحدة، تستخدم بعض الشركات المياه المعالجة لأغراض صناعية مثل التبريد والتصنيع.

بالنظر إلى تجارب العالم نجد أن هناك استخدامات أخرى للمياه العادمة المعالجة، كري المساحات الخضراء والحدائق والمتنزهات. فأستراليا -على سبيل المثال- تستخدم المياه المعالجة لري الحدائق العامة والملاعب. وفي كاليفورنيا تُستخدم لإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، ما يساعد في الحفاظ على منسوبها ومنع تدهورها، كوسيلة لمكافحة الجفاف وتعزيز إمدادات المياه.

الميزة التي تتمتع بها المياه العادمة أنها توفر مصدراً مستداماً للمياه، وتساعد في تقليل التلوث البيئي، وتخفف الضغط على موارد المياه العذبة، وهنا كان طموح الباحث للخروج باستخدام تنموي بيئي مقبول مجتمعياً.

بدراسة القطاعات المختلفة واعتمادها على المياه، وجد الباحث أن القطاع الصناعي الفلسطيني ثاني أكبر مستهلك للمياه إلى جانب الزراعة. ففي الضفة الغربية تستهلك صناعة الخرسانة الجاهزة في مدينة نابلس ما بين 800 إلى 1000 متر مكعب يومياً من المياه العذبة. وبالتالي، يبلغ العجز المائي في مدينة نابلس حوالي 14,000 متر مكعب يومياً. ويعود هذا النقص في استهلاك المياه أيضاً إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تستحوذ على ما يزيد عن 80% من موارد المياه في الضفة الغربية.

وفي نفس السياق، تنتج محطة معالجة مياه الصرف الصحي في نابلس حوالي 5.6 مليون متر مكعب سنوياً من المياه المعاد تدويرها (RW) مع عدم وجود خطط واسعة النطاق لإعادة استخدام هذه المياه حتى الآن.

إعادة استخدام المياه العادمة هي استراتيجية حيوية لمواجهة تحديات ندرة المياه وضمان استدامة الموارد المائية. من خلال تطبيق تقنيات معالجة متقدمة في إطار دعم حكومي وسياسات فعالة، يمكن للبلدان تحقيق فوائد بيئية واقتصادية كبيرة من استخدام المياه العادمة.

يقول الباحث إن فكرته اعتمدت على وجوب استغلال هذه المياه في مجال الصناعة أيضاً، إذ أن استخدام هذه المياه في الزراعة يكون غالباً في فصل الصيف، أما بقية الفصول فاستخدامها لأغراض الزراعة محدود جداً.

حيثيات البحث والتجربة

يقول الباحث:تنطوي الأدبيات المنشورة على فجوة بحثية حول الجوانب الهندسية والعلمية الرئيسية لاستخدام RW في صناعة الإسمنت". وقد أجرى أبو زعرور بحثا تطبيقيا لفحص كفاءة المياه العادمة المعاد تدويرها (TTW) من وحدة الترشيح القرصي والأشعة فوق البنفسجية في محطة معالجة مياه الصرف الصحي في نابلس، مع نسب متغيرة من محتوى هيدروكسيد الكالسيوم، لتحل محل المياه العذبة المستخدمة، لإنتاج عينات ملموسة من الخرسانة الجاهزة.

بالإضافة إلى ذلك، قَيَّم البحث متانة العينات الخرسانية من خلال اختبار الخواص الفيزيائية والميكانيكية للخرسانة على المدى القصير والطويل. أظهرت النتائج التي تم الحصول عليها أن خلط المياه العادمة المعاد تدويرها مع 2% هيدروكسيد الكالسيوم بدلا من الإسمنت يمكن أن يعزز الخواص الميكانيكية والفيزيائية لعينات الخرسانة على المدى الطويل.

ومع ذلك، حذر الباحث أيضا من الإفراط في استبدال الإسمنت بهيدروكسيد الكالسيوم بنسبة تزيد عن 10%، والذي يؤثر سلباً على الخلطة الخرسانية، ويؤدي إلى تدهور قوى الضغط والانحناء بشكل حاد.

بالملخص، تعتبر هذه النتائج مفيدة لمصانع الخرسانة الجاهزة لتقليل الاستخدام المفرط للمياه العذبة والبدء في إعادة استخدام المياه المعاد تدويرها مع 2% هيدروكسيد الكالسيوم كقيمة مثلى.

انعكاسات متوقعة

يرى الباحث أن هذه الفكرة ستساهم في حل جزئي لمشكلة شح المياه في المجتمع الفلسطيني، إذ أن مصانع الباطون تستخدم المياه الصالحة للشرب في خلطة الباطون، فكانت الفكرة هي استخدام المياه المعالجة في خلط الباطون بدلاً من المياه الصالحة للشرب، وبالتالي استفادة المواطنين والمساهمة في حل جزئي لمشكلة شح المياه.

ومن ناحية اقتصادية، ستستفيد مصانع الباطون من هذه الفكرة، علماً أن سعر كوب المياه الصالح للشرب متذبذب على مدار العام تِبعاً للمصدر والتوقيت من السنة، فسعر كوب المياه الصالحة للشرب في فصل الصيف أعلى منه في الشتاء وهكذا، بينما سعر كوب المياه المعالجة ثابت على مدار السنة وكُلفته أقل.

قد ترى هذه الفكرة النور إن وجدت البيئة المناسبة لنموها، والبناء عليها.

يقول الباحث: "لم أعرض الفكرة على الجهات الرسمية بعد (..) وبالنسبة لتطبيقها فإن ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على مؤسسة المواصفات والمقاييس، فهي التي تحدد إذا ما ستغيّر المواصفة الفلسطينية لخلط الباطون (باستخدام المياه المعالجة بدلاً من المياه العذبة) أم لا".

يشار الى أن المياه العادمة هي المياه التي تم استخدامها وتلوثت بالأنشطة البشرية المختلفة، مثل المياه الناتجة عن الاستحمام، أو غسيل الملابس، أو الطهو، أو الصرف الصحي. هذه المياه تحتوي على ملوثات كيميائية وبيولوجية تحتاج إلى معالجة قبل إعادة استخدامها، وتختلف جودتها من دولة الى أخرى، ما دفع الباحث لربط إمكانية تحولها لفكرة عالمية بجودة المياه المعالجة في كل دولة. ( عن مجلة آفاق للبيئة و التنمية )


No comments:

Post a Comment

بير العلندة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands صور متنوعة لبير العلندة في برية بيت لحم 

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????