الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
|
بانتباه ودهشة، يتفاعل الأطفال المشاركون في مخيم بيت الربيع الصيفي مع معلمة العلوم كيهان فريد، التي تعد برفقتهم تجربة علمية مثيرة، حول كيفية تشكيل البركان من خلال الفقاعات المائية.
تقول كيهان لـ "آفاق" إن يوم التجربة العلمية هو الأحب لأطفال المخيم، فهم عادة ما يحبون تجربة الأشياء بأيديهم، واكتشاف مهارات ومعلومات جديدة تختار المعلمة تجارب علمية بسيطة تستطيع ترك أثرها في حياة الأطفال بسهولة، لأنهم لا يستطيعون فهم معنى التفاعل الكيميائي وهم في أعمار صغيرة، ولكن بإمكانهم الملاحظة والاكتشاف، مثل تغير الألوان وحالات المياه وكيفية تشكل البركان وغيرها.
وتلفت فريد إلى أن "مستوى تفاعل الأطفال مع هذه التجارب العلمية رائع، وهم ينتظرون بشغف يوم التجربة العلمية".
تقول الطفلة ماسة صالح، التي لم تتجاوز 10 سنوات، إن التجربة (تجربة البركان) التي أجرتها المعلمة جميلة جداً وممتعة، وإنها عادة ما تنتظر يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وهو اليوم المخصص للتجربة العلمية في المخيم، من أجل تعلم تجارب جديدة، وإعادة إجرائها في البيت مع أشقائها.
تشكل المخيمات الصيفية الفلسطينية، فرصة للأطفال من أجل الاقتراب من الطبيعة، وتعلم مفاهيم جديدة، واكتساب مهارة الحفاظ على البيئة من خلال فنون إعادة التدوير والأشغال اليدوية.
مخيم بيت الربيع أحد هذه المخيمات الصيفية، التي زرناها للتعرف على أساليب المخيم والقائمين عليه، في زرع المفاهيم البيئية في نفوس الأطفال.
تجارب علمية يطبقها أطفال مخيم بيت الربيع الصيفي |
التكنولوجيا أثرت سلباً
مديرة المخيم تحرير عساف، تحدثت بحزن عن ابتعاد الأطفال عن الطبيعة في ظل التقدم التكنولوجي الحاصل، إذ أن بعض الأطفال اليوم يمتلكون هواتف ذكية وهم في عمر صغير جداً، أقل من عامين.
وتؤكد عساف وهي مديرة لمدرسة بيت الربيع ببلدة بيرزيت شمال رام الله، أن هذا الأمر بدأت تظهر آثاره فعلياً على طلبة المدارس. وتضيف: "على مستوى مدرستنا بتنا نلاحظ أن الطلبة في عمر المدرسة لا يعرفون صنع أشياء بسيطة، مثل الكتابة بالقلم، وربط أحذيتهم، وحتى تناول الساندويش الخاص بهم، فعضلات أيديهم تعودت على حمل الهواتف الذكية بدلا من تعلم مهارات بسيطة تساعدهم في الحياة".
تنظم عساف مخيمات صيفية للطلبة منذ 18 عاماً، عملت خلالها على تطوير الأنشطة في المخيم لتتنوع بين نشاطات حركية وفنون تشكيلية ودراما وقصة وغيرها، من أجل تنمية قدرات ومواهب الطلاب وتوظيف مهارات الاستكشاف والاستنتاج، فكل نشاط يكون له هدف تربوي وأكاديمي ويحقق الفائدة المرجوة منه نفسياً وأكاديمياً.
تنمية مهارات التدوير لأطفال مخيم بيت الربيع الصيفي |
علامات توحد لدى الكثير من الأطفال
وحول علاقة الأطفال مع البيئة توصي عساف الأمهات بأن تسمح لأطفالها بالخروج الى الطبيعة والاستكشاف، ولكن "مع الأسف بعض الأمهات يبحثن عن منطقة الراحة، فالأم لا تريد لطفلها أن يلوث المكان أو يخلق الفوضى الخاصة به ولا تريد أن تقضي الوقت معه، لذلك أصبح خيار الهاتف الذكي هو منطقة الراحة للأم، رغم أنه في الواقع أخطر شيء على الطفل، لذلك أصبحنا نلاحظ صفات التوحد لدى الكثير من الأطفال".
وحول فنون الأشغال اليدوية وإعادة التدوير، تقول عساف: "كل نشاطاتنا في المخيم قائمة على التدوير، فنحن نحاول أن ننفذ الأنشطة الفنية من خلال التدوير، ونستخدم في ذلك الصناديق الفارغة المصنوعة من الكرتون، وعلب المحارم الفارغة والعلب البلاستيكية".
طفلة في مخيم بيت الربيع الصيفي تعمل على تدوير مخلفات بلاستيكية
إعادة التدوير.. أهداف اقتصادية بيئية
توضح عساف أن إعادة التدوير لها هدف اقتصادي "فهو من ناحية يقلل التكلفة، ومن ناحية أخرى يستخدم لتنمية موهبة الابتكار عند الأطفال، من خلال صنع أشياء مفيدة من مخلفات كانت ستوضع في سلة المهملات، ومن خلال ذلك تتم تنمية مهارات الابتكار والابداع لدى الأطفال".
مخيم شبابيك الصيفي للثقافة والفنون والذي ينظم وسط مدينة رام الله، هو الـخر يمتاز عن غيره بتبنيه مفاهيم إعادة التدوير والحفاظ على البيئة، حيث تأسس المخيم عام 2018، ويعمل على تعزيز مفاهيم الحفاظ على البيئة وإضافة أنشطة غير تقليدية للأطفال، تستخدم فيها مخلفات البيئة كمواد خام في مختلف النشاطات التي يتم تنفيذها.
تقول هلا الرفيدي إنه بالإضافة إلى الأجواء المميزة التي تضفيها هذه النشاطات على المخيم، فإنه ساعد أيضاً بعض المؤسسات في التخلص من نفايات الأوراق لديهم بطريقة مفيدة: "استقبلنا المخلفات الورقية من أحد البنوك ونفذنا من خلالها نشاطات رائعة بمعنى الكلمة".
طفلة في مخيم بيت الربيع الصيفي تجري تجربة علمية تطبيقية
تحويل النفايات إلى بدائل
من جهتها قالت نجلاء خصيب مشرفة التدريب في المعهد الوطني، والذي يعمل على تدريب المعلمين والمعلمات في المدارس ورياض الأطفال على كيفية تنمية مهارات الطلبة، إنهم يقومون ببناء برامج تدريبية كاملة قائمة على أنشطة هدفها الحفاظ على البيئة، وكيفية تعليم الأطفال أن يكونوا أصدقاء للبيئة، وخلال تدريباتهم التي استهدفت العديد من المدارس ورياض الأطفال أطلقوا شعار "تحويل الزبائل إلى بدائل"، من أجل تعليم الأطفال فنون إعادة التدوير، بالإضافة إلى عمل ألعاب تربوية وأدوات يتم استخدامها من الأطفال.
وأضافت أن "هذه ثقافة مهمة جداً، ونركز عليها باستمرار مع جميع المؤسسات، إلى جانب تعليم الأطفال ثفافة تخضير البيئة، وهي ثقافة يجب نقلها إلى الأطفال وزرعها في نفوسهم منذ الطفولة المبكرة، والمخيمات الصيفية فرصة مهمة للقيام بذلك.
تتابع: "نعلم الطفل كيف يكون طفل منتج غير مستهلك، لديه أخلاقيات التعامل مع البيئة، خاصة أننا في زمن تكثر فيه التعديات على البيئة، سواء بيئة المنزل أو الروضة أو الشارع، فهناك الكثير من الانتهاكات التي تحدث بحق البيئة لذلك من المهم تعليم الاطفال فلسفة احترام البيئة".
مشغولات جميلة أنتجها الأطفال من مخلفات أعيد تدويرها
العمل مع الأهالي واجب
وبينت خصيب أنه من خلال تجربتهم السابقة فإن مستوى تفاعل الأطفال مع هذه الألعاب كبير، خاصة عندما يقومون بخلق شيء من لا شيء، مبينة أن هذا يعتبر نمواً شمولياً ومعرفياً وجسدياً واجتماعياً، مؤكدة أنه "كل ما اشتغل الطفل بيده يكون أقرب للواقع".
وأوضحت خصيب في هذا الجانب أن التوعية بأهمية البيئة والحفاظ عليها يجب أن تكون مع الأهالي وليس فقط مع الأطفال، وقالت: نحن أيضا معتدين على البيئة في جوانب كثيرة، لذلك لا يكفي أن نعلم الأطفال مفاهيم الحفاظ على البيئة، بل يجب أيضا أن نثقف الأهالي وبخاصة الأمهات لأنهن الأقرب والأكثر تماساً مع أطفالهن.
ورغم تأكيد العديد من القائمين على المخيمات الصيفية هذا العام، على تأثر الاقبال على المخيم بالأوضاع السياسية والاقتصادية وتبعات الحرب على غزة من حواجز وإغلاقات يومية والتي أثرت على المخيمات بشكل كبير، إلا أنها تبقى فرصة للأطفال من أجل تعلم مهارات التفكير الإبداعي، عبر نشاطات لا منهجية تقربهم من البيئة التي يعيشون فيها وتجعلهم أكثر حرصا في الحفاظ عليها.
عن مجلة آفاق البيئة و التنمية
معارف علمية جذابة يتم توصيلها لأطفال مخيم بيت الربيع الصيفي | من مشغولات الأطفال في مخيم بيت الربيع الصيفي |
No comments:
Post a Comment