الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
العالم يواجه التغيرات المناخية والعدوان الإسرائيلي يفاقم معدلات التلوث وانتشار الأمراض.. 6 دول مهددة بأضرار بيئية نتيجة تراكم النفايات والجثث وأطنان القذائف
"الآن أنا الموت مدمر العوالم"، كان هذا اعتراف الفيزيائي الأمريكي روبرت أوبنهايمر، والملقب إعلاميا بـ"أبو القنبلة الذرية" والمقتبسة من كتاب "البهاجافاد غيتا" الهندوسي، ليعتذر عن كارثة اختراعه القنبلة الذرية، والتي تم استخدامها في نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتذر عن الآثار البيئية المرعبة لتلك القنبلة والتي قتلت 140,000 شخص في هيروشيما، و80،000 في ناجازاكي، كما مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات، بينهم 15-20% متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق والصدمات والحروق الإشعاعية، يضاعفها الأمراض، هذا الحال ينطبق الآن على قطاع غزة، الذي يدك يوما منذ 7 أكتوبر الماضي بعشرات الآلاف من المتفجرات والقنابل، وتدمير مئات الآلاف من المباني، وهو الأمر الذي ينعكس على الوضع البيئي.
واصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، في الوقت الذي كان العالم يحضر فيه قمة المناخ الـ28، في مدينة دبي بالإمارات، من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر وهو نفس فترة التي شهدت استمرار القصف الإسرائيلي، وكان من بين مخرجات هذه القمة تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم الاتفاق على إنشائه في القمة الـ27 لعام 2022، لتعويض دول الجنوب الأكثر تضرراً من تغير المناخ، وحشد 83.9 مليار دولار تمويلات مالية تجاه العمل المناخي، والتوقيع على إعلان زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة من نحو 130 دولة، وتوقيع 153 دولة على إعلان الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، كل هذا يتزامن مع قصف وإبادة جماعية لا تقتصر آثارها في غزة على آلاف الشهداء والجرحى، بل مخاطر بيئية تتفاقم من مشكلة المناخ وتؤدى لانتشار الأمراض والأوبئة في منطقة الشرق الأوسط.
في مقدمة هذا الملف، تحدثنا عن قنبلة هيروشيما وناجازاكي ليس من وليد الصدفة، ولكن الآثار البيئة المرعبة لتلك القنبلة أقل بكثير مما ينتج عن مخاطر بيئية تهدد الشرق الأوسط بسبب جرائم الاحتلال، خاصة أن التقديرات التي شملت أول 3 أشهر فقط من الحرب على غزة، تحدثت عن مجمل القنابل والمتفجرات التي ألقتها إسرائيل على غزة بمعدل 65 ألف طن، أي ما يعادل 3 أضعاف وزن قنبلة هيروشيما، وما كشفته صحيفة الجارديان البريطانية في وقت سابق، بأن 281 ألف طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري أطلقها الاحتلال على غزة في أول 60 يوما فقط من حرب الإبادة، وهو ما يعادل حرق 150 ألف طن من الفحم.
في تقرير لوزارة الصحة الفلسطينية كشفت فيه عن نتائج فحوصات عينات من ضحايا الحرب أكدت أن هناك مواد سامة ثقيلة، كاليورانيوم بنسب تتجاوز كثيراً المعدلات الطبيعية في أجساد المفحوصين، مما تسبب في تسمم الأجنة، وتشوهها، وتزيد حالات العقم بين الرجال والنساء، نتيجة استخدام إسرائيل تلك الأسلحة المحظورة دولياً خلال حروبها على غزة، بجانب تأثير تلك القنابل الإسرائيلية على انتشار الأمراض، وهو ما كشفته أيضا وزارة الصحة الفلسطينية، في فبراير الماضي، عندما أكدت أن القطاع يعاني من تلوث خطير في المياه يصل إلى 97%، مما أدى إلى تفشي الأمراض الخطيرة، خاصة الفشل الكلوي، فيما أكد حينها أيضا مدير دائرة البيئة في وزارة الصحة الفلسطينية سامي لبد أن تلوث المياه يقسم الى قسمين وهما تلوث كيميائي وتلوث مايكروبيولوجي، وأن التلوث الكيميائي ناتج عن ارتفاع عنصر الكلورايد والنترات والملوحة، وأن تلوث النترات هو الأخطر.
الأضرار البيئية على قطاع غزة
حاولنا الوقوف بدقة على حجم الأضرار البيئية التي لحقت بقطاع غزة بعد دخول العدوان الإسرائيلي لشهره الثامن، لذلك تواصلنا مع المهندس بهجت جبارين، مدير دائرة الرقابة والتفتيش في سلطة جودة البيئة الفلسطينية، ورئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، والذي كشف عن 8 قطاعات بيئية تضررت بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، مؤكدا أن هناك أكثر من 120 ألف متر طولى لشبكات المياه التي تم تدميرها وتخريبها بشكل كامل بالإضافة إلى أكثر من 480 نقطة ومحبس ومحطة ضخ وكل ما يتعلق بنقاط شبكات المياه من مناهل ونقاط تحويل ومحابس وغيرها دمرها الاحتلال في القطاع.
"حصة الفرد من المياه وصلت في قطاع غزة إلى 3 لتر للفرد في اليوم وهذا عبارة عن حصة كارثية"، هنا يشرح بهجت جبارين، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، الوضع المأساوي لأهالي القطاع وحالة العطش التي يعانون منها بسبب عدم توافر المياه كما وكيفا نتيجة قصف الاحتلال لمصادر المياه وللشبكات والمرافق في القطاع، موضحا أن هناك مجاعة فيما يتعلق بالمياه نتيجة قطع كل مصادر من قبل الاحتلال، وتدمير الآبار الموجودة في قطاع غزة المزودة للمياه، والكمية المتوافرة حاليا 3 لتر للفرد فى اليوم، عبارة عن حصة ملوثة بكافة العناصر سواء بالمواد المتفجرة أو مياه الصرف الصحي أو من خلال العناصر الثقيلة والنترات نتيجة النفايات الخطرة والمواد الخطرة والأسمدة والمبيدات والأسلحة المستخدمة في قطاع غزة، وهناك تلوث كيميائى وبيولوجي وتلوث بشح وندرة المياه والمتوافرة للفرد والحصة المتوفرة غير صالحة للشرب.
ويؤكد رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، أن الاحتلال دمر 40 بئرا جوفية للمياه كليا، وهذه الآبار التي تغذي قطاع غزة، تم تدميرها بشكل كامل وهناك 93 بئرا تم تدميرها بشكل جزئي وعطلت عن العمل ، متابعا :"الاحتلال دمر 9 خزانات رئيسية وهي الموزعة للمياه للبلديات والمجالس والمحافظات في غزة وقدراتهم الاستيعابية من 2000 إلى 3000 متر مكعب، بينما بخصوص الشبكات هناك أكثر من 5 آلاف متر طول من شبكات مياه الأمطار والمياه السطحية تم تدميرها بفعل الاحتلال، بجانب القنوات والمناهل وغيرها.
كما يتحدث بهجت جبارين، عن حجم الخسائر في محطات تحلية المياه بسبب العدوان الإسرائيلي، قائلا :"بخصوص محطات التحلية هناك 3 محطات تحلية في قطاع غزة تم تدميرها سواء المركزية أو الرئيسية، وهناك تلوث كبير في المياه الجوفية بقطاع غزة، قبل الحرب ونتيجة للحصار وانقطاع الكهرباء قبل الحرب وعلى مدار 14 عاما كان هناك تسرب لمياه الصرف الصحي غير المعالج لآبار المياه الجوفية المغذية لقطاع غزة والآن هناك تلوث 97 % من هذه الآبار إما بالنترات أو العناصر او التلوث البيولوجي الناتج عن الصرف الصحي وهذا ما قبل الحرب ، وحاليا التلوث يزيد عن هذه النسبة نتيجة لاستخدام القنابل والفسفور الأبيض والقنابل العنقودية وأكثر من 60 ألف طن من المتفجرات سقطت على قطاع غزة، وهذه المتفجرات وما تحمله من عناصر ثقيلة وخطيرة تتسرب مواد كيميائية خطيرة إلى التربة وإلى المياه والشاطئ بالإضافة إلى تدمير محطات الصرف الصحي أصبحت المياه الصرف الصحي أكثر من 130 ألف متر مكعب تختلط بالمياه الجوفية وجزء منها يتسرب للبحر مما يؤدى لتلويث الشاطئ والمناطق البحرية ولله أثر على التنوع البحري".
تجريف حوالي 40 كيلو متر من المناطق الساحلية
ويكشف حجم التدمير في البيئة الساحلية بقطاع غزة، والتي تلوثت بعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة حيث ما يزيد عن 60 إلى 70 ألف طن من المتفجرات بالإضافة إلى تجريف حوالي 40 كيلو متر من المناطق الساحلية سواء بالآليات الثقيلة أو المعدات أو الأسلحة والقنابل والقواعد العسكرية، حيث إن هذا يؤدى إلى تلوث المنطقة الساحلية والبيئة الساحلية وتراكب النفايات الصلبة على الشاطئ وفي المناطق السكنية وتسربها إلى منطقة الشاطئ والبيئة البحرية، مؤكدا أن هذا التلوث بكافة عناصره من خلال تسربه واختلاطه بالبيئة البحرية كعناصر ثقيلة وخطيرة ومواد كيميائية خطيرة بالإضافة إلى التلوث البيولوجي الناتج عن الصرف الصحي والعصارة الناتجة عن النفايات المنزلية يؤثر على البيئة البحرية بغزة.
ويشير بهجت جبارين، إلى أن هناك 2100 منشأة صناعية تم تدميرها وتجريفها بشكل كامل وهذه المصانع قد تحتوى على مواد كيميائية كمدخلات إنتاج أو من خلال الخطرة الناتجة عنها أو من خلال النفايات الخطرة الناتجة عن المستشفيات والمراكز الصحية والطبية وهذه كلها تسري وتتسرب إلى البيئة الساحلية، مؤكدا أن هذا التلوث البحري عابر للحدود وقد ينتقل إلى الشواطئ المصرية المحاذية لبحر رفح والمنطقة المحاذية للمناطق الإقليمية الفلسطينية وتشكل مخاطر على دول الجوار وآثر بيئي عابر للحدود.
مشكلة النفايات الصلبة في غزة التي تراكمت بشكل مرعب نتيجة الاحتلال واستمرار حربه على القطاع، قضية في غاية الخطورة نظرا لما تشكله تلك النفايات من أضرار بالغة ليس على القطاع مفرده بل على العديد من الدول الأخرى، حيث يؤكد رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، أن هناك تراكم لحوالى 300 ألف طن من النفايات المنزلية والنفايات الطبية في منطقة غزة منذ بداية الحر، تلك النفايات التي تتراكم في مناطق الإيواء والمناطق السكنية وحول المدارس ومدارس الأونروا التي أصبحت مراكز للإيواء والمناطق المخيمات بالإضافة إلى لمناطق الشاطئ والبيئة البحرية بالإضافة لمناطق ترحيل النفايات التي أصبحت خارج الخدمة بشكل كامل بجانب أن هناك مكبين صحيين في قطاع غزة للنفايات، وهذه المكبات تم إغلاقها وتعطيلها بشكل كامل نتيجة عرقلة الحركة وعدم التمكن من الوصول إلى هذه المكبات، موضحا أن هناك 6 محطات ترحيل للنفايات في قطاع غزة في المحافظات المختلفة تم تدمير هذه المحطات بشكل كامل أو بشكل جزئي وأصبحت خارج الخدمة وتم تدمير وحدتين لمعالجة النفايات الطبية وهذه النفايات تصنف حسب نظام النفايات الفلسطيني أنها نفايات خطرة ، والنفايات الطبية تتراكم في أروقة المستشفيات والمراكز الصحية والأحياء والتجمعات السكانية ومناطق الإيواء، وهناك أكثر من 180 آلية جمع نفايات في قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل وأصبحت عملية جمع النفايات مشلولة بشكل كامل نتيجة لتدميرها، وحتى لو كان هناك أي عمليات هدنة لا تتمكن الطواقم الموجودة من القيام بعملها نتيجة لتدمير البنية التحتية الخاصة بجمع النفايات خاصة الآليات والمعدات .
تصريحات بهجت جبارين، تتطابق إلى حدا كبير مع ما أعلنته منظمة الأمم المتحدة، في 22 أبريل الماضي عبر موقعها الرسمي بأن 270 ألف طن من النفايات الصلبة تراكمت في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ أكثر من 6 أشهر، مشيرةً إلى أن هذا يخلق كارثة بيئية وصحية، وحينها قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمم المتحدة تلقت معلومات عن وصول كمية النفايات الصلبة المتراكمة في أنحاء قطاع غزة إلى 270 ألف طن، وذلك يتسبب في كارثة بيئية وصحية عامة، كما أن تدمير منشآت إدارة القمامة ومراكز النفايات الطبية، قوض بشكل كبير جمع القمامة الصلبة والتخلص منها من البلديات.
وفي ذات الشهر، وبالتحديد في 25 أبريل الماضي، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن مسألة إدارة النفايات الصلبة في غزة أصبحت حاجة ملحة، وتتطلب دعما وحلولا فورية، مؤكدا أن الحرب أحدثت المزيد من الدمار، وشلت البنية التحتية الحيوية لجمع النفايات، وفاقمت الوضع المتردي بالفعل، وتسبب تدمير مركبات جمع النفايات والمرافق ومراكز معالجة النفايات الطبية ضغطا كبيرا للبلديات التي تسعى جاهدة للتعامل مع الأزمة المتصاعدة.
تدمير 35 ألف سيارة وتحولها لنفايات خطرة
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن هناك مشكلة السيارات التي تم تدميرها في القطاع وما تخلفه من كوارث بيئية، وهو ما يؤكده بهجت جبارين، بأن هناك أكثر من 35 ألف سيارة ووسيلة نقل تم تدميرها وهذه السيارات نتيجة لاحتوائها لبعض الأجزاء الخطيرة تتحول إلى نفايات خطرة، بجانب ملفات الهدم والتجريف الناتجة عن التدمير والتجريف وهدم المباني السكنية، حيث تم تدمير 130 ألف مبنى بشكل كامل في قطاع غزة، والبيوت المدمرة بشكل جزئى حوالى 270 ألف مبنى أي أن هناك 400 ألف مبنى تم هدمهم بشكل جزئى أو كلي ونتج عن هذه المباني مخلفات هدم من 26 إلى 36 مليون طن من مخلفات الهدم والردم والتي تحتاج من 10 إلى 15 سنة لإزالة هذه المخلفات فيما بعد الحرب، خاصة أن عملية إزالة هذه المخلفات ليست سهلة بل تحتاج لخطة لأن هذه المخلفات تحتوى على جثث وهناك مواد خطيرة ونفايات بين هذه المخلفات وقد تكون هناك متفجرات وألغام مزروعة وبالتالي تحتاج لخطة شمولية لعملية إزالة لما بعد توقف الحرب، ودمر الاحتلال أيضا 271 مقر ومركز صحي ومستشفى وعيادة مركزية في قطاع غزة، بشكل كامل بالإضافة إلى 634 مركز ودور عبادة ومراكز ومؤسسات حكومية كأبنية عامة في قطاع غزة، وتم تدمير 70 % من المدارس والجامعات.
هناك دراسة لكل من الدكتور محمد فراس التميمي والدكتور علي شحادة، تحمل عنوان "التأثير البيئي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة: تزايد خطير في الانبعاثات الكربونية"، بكلية الحجاوي للهندسة التكنولوجية، حملت إحدى فصولها تأثير الانبعاثات الناتجة عن هدم المباني، وأكدت أن الانبعاثات الناتجة عن هدم المباني خلال العدوان تشكل مساهمة كبيرة في التأثير البيئي الشامل، خاصة في سياق دور صناعة البناء في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وعندما يتم هدم مبنى، لا ينتج عنه كمية كبيرة من مخلفات الركام فحسب، ولكن أيضا يؤدي هذا إلى توليد انبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، حيث ينتج عن هدم مبنى مكتبي مساحته 100 متر مربع تقريبا 1000 طن متري من مخلفات الركام وحوالي 110000 كيلوجرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
النفايات الخطرة
ويؤكد رئيس لجنة حصر الأضرار على قطاع غزة، أن جزء من المتفجرات التي ألقتها إسرائيل على قطاع غزة انفجرت من خلال تركيز العناصر الكيماوية والعناصر الخطيرة في التربة والمناطق السكنية وانتقال العناصر التي لها علاقة بالمواد العالقة في الهواء وهذه المواد تنتقل من منطقة لأخرى بالإضافة للمواد الخطيرة التي تحملها بغازات وغيرها وهذه تؤثر بشكل كامل وهي أيضا من التلوث العابر للحدود التي ينتقل للمناطق الحدودية وهو أثر عابر للحدود، خاصة أن الحرب على غزة أنتجت لتلوث للهواء والإشعاع وتغير المناخ نتيجة للانبعاثات المختلفة من كافة الأنشطة العسكرية والهجرة الجماعية للفلسطينيين – النزوح - والضغط على الموارد الطبيعية، خاصة أن هناك 60 مليون طن مترى مكافئ لثاني أكسيد الكربون نتيجة هدم المباني وهذا يتمثل في عناصر متطايرة وثقيلة والغبار الناتج عن عمليات القصف واستخدام المتفجرات بأنواعها بجانب حوالى 1,29 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن استهلاك الوقود للأليات العسكرية سواء دبابات أو قاذفات او غيرها، بالإضافة لاستخدام الذخائر تم تحويلها إلى 3 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
ذات الدراسة التي تناولناها خلال السطور الماضية وحملت عنوان "التأثير البيئي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة: تزايد خطير في الانبعاثات الكربونية"، تؤكد أن الانبعاثات الغازية الدفيئة الكبيرة الناتجة من استخدام واسع للوقود في مناطق العدوان، والتي تساهم بشكل كبير في تغير المناخ، والتقدير الدقيق لاستهلاك الوقود الأحفوري في هذه المناطق يمثل تحديا كبيرا، بشكل رئيسي بسبب المحدودية في توفر البيانات، وعدم وجود تصور دقيق لنطاق هذه الأثار البيئية، كما استخدم الاحتلال خلال العدوان الأسلحة المدفعية على نطاق واسع، ويمكن لهذه الأسلحة أن تطلق مقذوف يزن حوالي 40 كجم لمسافات تتراوح بين 17 إلى 40 كيلومتر، لتنتج الانبعاثات الغازية من إنتاج المواد الخام للذخائر، ونقلها إلى ساحات القتال، واحتراق المادة الدافعة عند إطلاقها، وانفجار الرأس الحربي عند التأثير، ونظرًا لأن هذه الذخائر من المرجح أن يتم تجديدها لتعويض المخزون خلال العدوان؛ فإن الانبعاثات الناتجة عن إنتاجها مهمة أيضا لتقييم تأثيرات العدوان على المناخ.
الدراسة أوضحت أن معظم هذه الانبعاثات يعزى إلى عمليات الهدم وإعادة البناء المستقبلية للبنية التحتية، وهو بمثابة تذكير صارخ بالعواقب البيئية التي يتم تجاهلها في الحروب غالبًا، وما يجعل الأمر أكثر خطورة؛ استمرارية العدوان لسنة - كما تلمح قوات الاحتلال الإسرائيلية- إذ إن الانبعاثات الكلية يمكن أن تتزايد إلى مقدار مقلق يصل إلى 629 مليون طن CO2e، لتؤكد هذه النتائج الأهمية البالغة لدمج الاعتبارات البيئية في العمليات المتبعة لحل النزاعات، والاستراتيجيات المستخدمة لإعادة الإعمار بعد النزاع، وبالتالي هناك حاجة ملحة الى إيقاف هذا العدوان على قطاع غزة وبشكل فوري.
وتشير الدراسة إلى أن إسرائيل تستخدم 50000 قذيفة يوميًا أي 1.85 مليون قذيفة خلال 35 يوما، كما يتم تدمير كميات كبيرة من الذخائر في الضربات على المستودعات، مما يؤثر على الانبعاثات، حيث إن الانبعاثات المتوسطة من ثاني أكسيد الكربون المكافئ لكل قذيفة مدفعية مستخدمة في هذا العدوان تبلغ تقريبا 1.4 طن، مما ينتج عنه تقريبًا 2.59 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ.
وزير الصحة الفلسطيني: تلوث بيئى وإنساني خطير بغزة بسبب متفجرات الاحتلال وسيؤثر على أجيالنا لعشرات السنوات
وتواصلنا مع الدكتور ماجد أبو رمضان، وزير الصحة الفلسطيني، الذي كشف انعكاس تراكم الركام والقنابل والمتفجرات التي تلقيها قوات الاحتلال على صحة سكان غزة، موضحا أنه بسبب الكم الهائل من القنابل والبارود والمتفجرات وبعضها من اليورانيوم المغضب وغيره من المواد الكيماوية التي لا نعرف عنها بعد فهناك بلا شك تلوث بيئى وإنساني خطير وهذا قد يترك أثرا على الأجيال القادمة لعشرات السنين، وهناك العديد من الألغام والمتفجرات الأخرى التي لم تنفجر والتي قد تسبب كوارث كبيرة في حال تم التعامل معها بشكل خاطئ خلال إزالة الركام.
ويضيف وزير الصحة الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من رام الله، أنه بسبب الركام وتراكم النفايات الصلبة، أصبح هناك العديد من القوارض والحشرات التي تنتشر وهذا يؤدى إلى نقل الأمراض وصعوبة كبيرة بجانب تحلل الجثث تحت ركام المباني وفي المقابر الجماعية التي ربما قام الاحتلال ببعثرتها وتدنيسها بجانب بعض المرضى دفنوا بدون تحديد وفي أماكن داخل المستشفيات وهذا يعطل العمل وإعادة البناء في غزة لما تم هدمه.
ويشير ماجد أبو رمضان، إلى أن نقص البنية التحتية في القطاع بسبب نقص العدوان ونقص الماء النظيف وتعطل شبكة الصرف الصحي عن العمل وقلة الطعام المتاح لسكان غزة والمرضى ، تسبب في تفشى الأمراض المعدية من أهمها التهاب الكبدي الفيروسي نوع أ وهناك عشرات الآلاف من سكان غزة أصيبوا بذلك بجانب حالات الإسهال والقيء والاتهاب المعوي الحاد الناتجة عن تلوث مياه الشرب وتلوث مصادرها وانعدامها في معظم الأحياء.
نعود لرئيس لجنة حصر الأضرار في قطاع عزة، والذي يؤكد خلال تصريحاته الخاصة، أن هناك 133 ألف من غاز ثاني أكسيد الكربون ناتج عن استخدام الطائرات والسفن والبوارج التي تقوم بنقل الأسلحة لقطاع غزة، وتم تدمير 12 ألف وحدة إنتاج طاقة شمسية وطاقة نظيفة نتيجة الحصار على غزة وقطع الكهرباء منذ أكثر من 16 عاما، ونتيجة لعدم تشغيل محطة انتاج تشغيل الطاقة في غزة لعدم توافر الوقود كان استخدام كبير لمشاريع الطاقة المتجددة وتم تدمير حوالى 12 إلى 13 ألف وحدة منها وهذه الوحدات تشغل 60 إلى 70 % من الطاقة النظيفة بالإضافة إلى استخدام اليورانيوم المنضب حيث إن في الحرب السابقة تم استخدام هذا السلاح في غزة ولم تقدر الكمية واستخدام الفسفور الأبيض وهو ما يتسبب في التلوث الهوائي والإشعاعي وهي أضرار عابرة للحدود وقد يكون امتدادها لدول الجوار.
النفايات الطبية
ويشير بهجت جبارين، إلى أن هناك آلاف من النفايات الطبية التي تركت دون معالجة خلال فترة الحرب، بالإضافة إلى النفايات الصناعية والكيماوية الخطرة، حيث إن مساحة قطاع غزة 376 كيلو متر مكعب أو دونم، ونتيجة لحصار الاحتلال، هناك 120 ألف كيلو متر منطقة فاصلة مع الاحتلال الصهيوني تم منع دخول المواطن الفلسطيني لهذه المنطقة بعمق 1,5 كيلو متر منذ 14 عاما وحصار قطاع غزة، أصحبت منطقة آمنة يمنع دخول المواطن الفلسطيني لها وتشكل ثلث مساحة غزة وهي من الأراضي الزراعية عالية الجودة وكانت تعتبر من السلاسل الغذائية للمنطقة، وهذه المنطقة المعزولة والمحرومة على الفلسطيني أصبحت مسرح للعمليات العسكرية الصهيونية وقواعد عسكرية بالتجريف والقصف والأحزمة النارية التي تم قصفها وضربها قبل المعركة البرية على قطاع غزة وأبيدت بشكل كامل نتيجة للتجريف والضرب بالقنابل سواء الفسفورية أو العنقودية وكان هناك أحزمة نارية في تلك المنطقة وآثار هذه القنابل والتجريف قد يحتاج لعشرات السنوات لمعالجة آثار هذه المنطقة.
ويشرح رئيس لجنة حصر الأضرار في غزة، طبيعة الأراضي في القطاع وتقسيماتها، قائلا :"لدينا منطقة البيئة الساحلية، والمنطقة السكنية وشكلت ثلث ساحة غزة حوالى 120 كيلو متر وتم تجريف 70 % منها بشكل كامل نتيجة للقصف والتجريف للمناطق السكنية، والثلث الأخر 120 ألف كيلو متر وهي المنطقة الخدمية والساحل أيضا جرفت بشكل كامل، وبالتالي أصبح يوجد فقط المنطقة التي لم تتعرض بشكل مباشر لعمليات جرف والقصف وتشكل حوالى 30 % من ثلث قطاع غزة الخاص بالمنطقة السكنية، والثلث الخاص بالأراضي الزراعية عالية القيمة مزروعة بالمحاصيل الحقلية والخضار والفواكه والزراعات المكثفة كالبيوت البلاستيكية والتي ذكرتها في المقدمة تم تدميرها بشكل كامل أي أن ثلثين دمروا بشكل كامل ، حيث در الاحتلال عدد من المشاتل في غزة المنتجة للأشتال المثمرة والخضار والزينة منها مشاتل لبلدية غزة مساحتها 13 دونم من أول أيام الحرب وتم قطع وتجريف حوالى 55 ألف شجرة من أشجار الطرق والحدائق العامة وحوالى 8 حدائق عامة تم تدميرها و20 ميدان عام وهي مناطق حدائق مفتوحة للمواطنين للتنزه والمشي والسير وممارسة الحياة اليومية وممارسة الرياضة تم تدميرها بشكل كامل".
في مارس الماضي، كشف تحليل لصور بالأقمار الاصطناعية عرضه منظمة " Forensic Architecture"، أطلعنا عليه، تعرض الأراضي الزراعية في قطاع غزة للتدمير، وتجريف ما يقرب من نصف الأشجار بالمنطقة، مؤكدة تعرض نحو 38-48% من الغطاء الشجري والأراضي الزراعية في القطاع للتدمير، حيث أظهر التحليل أن الأراضي الزراعية والبساتين كانت تغطي 170 كيلومتراً مربعاً، أو 47% من المساحة الكلية للأراضي في غزة قبل 7 أكتوبر، ولكن مع نهاية فبراير الماضي، دمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية أكثر من 65 كيلومترا مربعا.
المصدر :https://www.youm7.com/
No comments:
Post a Comment