الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
يواجه الأردن، ثاني أفقر دولة بالعالم في المياه وفق المؤشرات الدولية، مشكلة بسبب ندرة الأمطار جرّاء الاحتباس الحراري، والتي تتطلب إجراءات استثنائية مع دخول البلد ”أربعينية الشتاء“ التي يعوّل عليها المزارعون، وهي الفترة الممتدة من 21 ديسمبر إلى نهاية يناير من كل عام.
وقال الباحث في مجال حماية البيئة، أحمد الشريدة، إن ”الأردن يُعد من أكثر الدول تأثرا بتغير المناخ الذي أصبح كابوسا يؤرق المسؤولين والمواطنين على حد السواء، إذ لم يهطل إلى الآن سوى 4% فقط من معدل الأمطار السنوي“.
ودخل الأردن منذ حوالي 10 أعوام في دوامة تذبذب سقوط الأمطار، وهو ما أدّى إلى وجود الكثير من العقبات التي تَحول دون وجود موسم مطري نموذجي حتى الآن.
وتتزايد التحذيرات من شحّ كمية مياه الأمطار، الذي يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وما ينتج عنها من تأثيرات على الناتج المحلي الإجمالي للأردن.
ولمواجهة ذلك، يطالب الشريدة الحكومة بوضع استراتيجية تقوم على تحلية مياه البحر، خاصة في منطقة خليج العقبة، إضافة إلى التثقيف والتوعية بأهمية المحافظة على مصادر المياه.
واقترح استخدام الطاقة الشمسية في عمليات حفر المزيد من الآبار الارتوازية في المناطق الجافة، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من المياه المالحة المتوفرة في مناطق شمال وغور الأردن من خلال التحلية.
وحث الشريدة على عدم زراعة محاصيل تتطلب كميات كبيرة من مياه الري، مثل الموز، وإعلان حالة الطوارئ البيئية بمشاركة القطاعين العام الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
من جانبه، يؤكد الكاتب المتخصص في البيئة، أمجد قاسم، أن بيانات الأرصاد الجوية تُشير إلى أن الحالة الحالية مشابهة لحالة سابقة حدثت خلال شتاء عام 1998 – 1999.
وقال قاسم إن ”هذا التراجع يُعزى إلى عوامل جوية ومناخية، منها غياب المنخفضات الجوية المؤثرة، وهذا حال دون تشكل السّحب الممطرة، بالإضافة إلى تدفق الهواء القطبي البارد نحو غرب أوروبا وشمال غرب القارة الإفريقية، ما تسبّب في تساقط أمطار غزيرة في تلك المناطق على حساب منطقة شرق البحر المتوسط“.
وأشار قاسم إلى حدوث تغيرات ملحوظة في مراكز نشاط المنخفضات الجوية بعيدا عن الأردن، حيث تتركز تلك المنخفضات الجوية حاليا وسط منطقة البحر المتوسط، ما يُقلل فرص سقوط الأمطار على شرق المتوسط.
وأضاف أن تدفق الهواء الدافئ إلى طبقات الجو العليا فوق بلاد الشام أدّى إلى استقرار الغلاف الجوي فوق الأردن، ودفع المنخفضات الجوية بعيدا عن البلاد، وهذا منع تشكل السّحب الركامية التي تعتبر المصدر الأساسي للأمطار.
ولمواجهة هذه المعضلة، دعا الأخصائي البيئي إلى وضع استراتيجيات فاعلة للتكيّف مع الظواهر المناخية، التي ستكون لها انعكاسات مؤثرة على الموارد المائية في البلاد وعلى القطاع الزراعي، ما يستلزم تحسين إدارة الموارد المائية واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة.
بدوره، قال مدير دائرة الأرصاد الجوية الأردنية، رائد خطاب، إنه ”حتى الآن يُعد هذا الموسم ضعيفا، إذ لم تتجاوز نسبة هطول الأمطار في البلاد 6%، وهذا لم يحدث إلا في موسم 1958 – 1959“.
وأوضح خطاب أن ”الموسم قبل الماضي شهد ضعفا في الهطول، وانتهت الأربعينية بنسبة لم تصل إلى 19%، ولكن تحسّنت لاحقا وانتهى الموسم بنسبة وصلت إلى 114%“، مضيفا أن ذلك ”يعطينا الأمل بتحسّن النِسَب طالما أن الموسم الحالي لم ينته بعد، بل يمتد حتى الثُلث الأول من مايو المقبل“.
وتصل مساهمة الزراعة إلى 20% بالناتج المحلي الإجمالي في تحقيق الأمن الغذائي للأردن، إلى جانب توفير الآلاف من فرص العمل، كما يلعب القطاع دورا في البعد البيئي ومواجهة التغيرات المناخية، ودعم الاقتصاد الأخضر للبلاد.
المصدر: وكالة الأناضول
No comments:
Post a Comment