نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

Saturday, January 18, 2025

الركام يخلف كارثة بيئية في غزة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



كان إبراهيم عيد يعيش في مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، وهي كغيرها من مدن القطاع أصبح الجزء الأكبر منها اليوم أكواما من الركام المتراكم بعد أشهر طويلة من القصف الاسرائيلي.

وكانت رفح مدينة مليئة بالحياة والعمران لموقعها القريب من معبر رفح الحدودي الذي يفصل فلسطين عن الأراضي المصرية.

يقول عيد لــ”سوسنة”، “تركنا رفح بنايات وعمران(..)، اليوم رفح مدينة ركام فقط”. 

بعد عام 2006 تعرض قطاع غزة إلى عدة حروب استخدمت فيها اسلحة مختلفة تركت آثارا مدمرة على المسطح الأخضر الذي كان يميز جزءا من القطاع الساحلي.

والسؤال الملح اليوم، كيف أدى ذلك الى تغيير المشهد البيئي في قطاع غزة؟

تتراكم عشرات الآلاف أطنان النفايات في كل مكان، وينبعث الغبار الممتلىء بالمواد الكيميائية الناتجة عن الهدم على طول الشريط الضيق المتداعي، وكل ذلك يظهر للعيان جنبا الى جنب مع ركام المباني والمنازل وهو ما يشكل ظروفا مثالية لتغيير لون وشكل سطح الأرض في قطاع غزة.

بالنظر الى صور الأقمار الصناعية الملتقطة بشكل متكرر والتي تظهر التحولات العميقة التي جرت على سطح الأرض في غزة منذ بداية الحرب، يظهر كيف تحول المشهد الأخضر الذي صبغ جزء من القطاع الساحلي إلى رمادي.

تعطي تلك الخرائط والصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية صورة قاتمة على ما آلت إليه تفاصيل البيئة في غزة.

يصبح الامر اكثر قتامة كلما تعلق الأمر بالحديث عن شمال قطاع غزة، إذ أدت الحرب الى تدمير شبه كامل لكل مرافق الحياة، والمستشفيات والمراكز الصحية، ومراكز الإيواء والمساحات الخضراء التي كانت حاضرة على أطراف المناطق السكنية.

بعد خمسة عشر شهراً من بدء إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، صار مشهد الدمار المتراكم في القطاع الأكثر رسوخا عوضا عن اللون الأخضر الذي ميز القطاع الساحلي.

لم يكن الوضع البيئي في غزة قبل الحرب الحالية في افضل حال، فقد كان الحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع وارتفاع نسبة المياه الملوثة المستخدمة من قبل السكان، وتسرب النفايات الى مصادر المياه وجوه متعددة لانهيار المنظومة البيئية هناك.

تبلغ مساحة قطاع غزة 378 كيلو متر مربع، ويسكنه ما يقارب 2.2 مليون إنسان، وهو أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض، حيث يبلغ متوسط الكثافة أكثر من 5,800

نسمة لكل كيلومتر مربع.

بموازاة حياة كل هؤلاء السكان، نمت عبر التاريخ حياة خضراء شكلت المشهد العام لتلك المنطقة الساحلية التي تفصل آسيا عن إفريقيا، لكن الحرب الاخيرة، غيرت من ذلك المشهد الذي صبغ جزء من الطبيعة الفلسطينية.

تقول أرقام رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة جودة البيئة في بيان مشترك صدر في الخامس من حزيران/ يونيو الماضي عندما كانت مازالت عمليات القصف الاسرائيلي في اوجها، أن 46% من المساحات الزراعية في قطاع غزة قد تضررت، وقد كان الضرر المباشر والأكبر في محافظات خانيونس،  فقد طال 51% من المساحات الزراعية فيها، فيما بلغ الضرر حوالي 48% من الأراضي الزراعية في محافظة شمال غزة.

ادت الانفجارات سواء تلك الناتجة عن تفخيخ المباني والاراضي او الناتجة عن القصف الجوي الى  تحويل معظم قطاع غزة الى ركام مكون من مواد بناء المصنعة من المواد الكيماوية الضارة، وهو كما يقول الخبراء انه يتحول فورا إلى مواد سامة تمتصها الأرض ويتأثر فيها الإنسان لسنين قادمة طويلة.

لا توجد أرقام نهائية تعكس حجم هذا الدمار، لكن آخر الإحصاءات أشارت إليها رئيسة سلطة جودة البيئة، رئيسة وفد فلسطين نسرين التميمي خلال كلمتها في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، في العشرين من شهر تشرين ثاني المنصرم، “إن عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، تسبب في تراكم ما يزيد على 42 مليون طن من الركام الملوث بالمواد الخطرة والملوثات العضوية”.

في الواقع منذ ذلك الوقت حتى الان زادت تلك الكميات كثيرا، وهو ما ادى الى تعمق الأزمة البيئة.

أصبحت جل المناطق في قطاع غزة عبارة عن دمار للمنازل و البيوت والمنشآت المتراكمة بفعل القصف الشديد الذي لا يتوقف.

فالعمليات العسكرية الإسرائيلية والقصف المكثف من الجو والبر والبحر، وضعت النظام البيئي أمام تحديات كبيرة ستستمر الى عقود طويلة.

قال برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن التأثيرات البيئية للحرب في غزة غير مسبوقة مما يعرض المجتمع لمخاطر التلوث المتزايد بسرعة في التربة والمياه والهواء، فضلا عن مخاطر الأضرار التي لا يمكن إصلاحها للنظم البيئية الطبيعية.

لقد كان القطاع لوحة جميلة من تكاتف البنيان العمراني تطل على بيئتين بحرية واخرى سهلية خضراء، قبل بدء إسرائيل حرب الإبادة ضد الشريط الساحلي والذي حولته لأكوام من الدمار المتراكم.

ويوما بعد يوم، ينهار جزء آخر من هذه اللوحة العمرانية.

كانت آية التي فضلت ذكر اسمها الأول فقط، إحدى طالبات الطب في واحدة من جامعات غزة، تسكن مع عائلتها في منزلهم المكون من أربعة طواقم في مدينة غزة، مع حديقة تحيط به من كافة الجوانب لكن انقلبت الحال بعائلتها بشكل كامل.

واليوم أصبحت هذه العائلة التي تبقى منها 6 أشخاص من أصل عشرة، تسكن في خيمة في مواصي خانيونس.

“كان لدينا بدل الخيمة منزلا من أربعة طوابق(..)، كان لدينا الكثير من الغرف الدافئة”.

في مواصي خانيونس تكون المسافة التقريبية بين خيام عائلتها ومنزل قرابة الكيلو متر الواحد.

في تلك المنطقة، أصبحت أكوام الركام تُرى من بعيد. “أصبح بيتنا الواسع كومة من الركام”.

وخلص  تقييم أولي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة في حزيران الماضي، إلى أن الصراع افسد التقدم الأخير، وإن كان محدودا، في أنظمة إدارة البيئة في غزة، بما في ذلك تطوير تحلية المياه ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي، والنمو السريع في الطاقة الشمسية، والاستثمارات في استعادة الأراضي الرطبة الساحلية في وادي غزة.

يقدر مسؤولون امميون أن إزالة الركام ستكون مهمة ضخمة ومعقدة.

وبحسب الأمم المتحدة فإن كمية الحطام هذه هي أكثر من خمسة أضعاف كمية الحطام الناتج عن النزاع الذي نشب في عام 2017 في الموصل بالعراق.

 ويشكل الحطام مخاطر على صحة الإنسان والبيئة، بدءا من الغبار والتلوث بالذخائر غير المنفجرة ووصولا إلى الأسبستوس والنفايات الصناعية والطبية وغيرها من المواد الخطرة.

وتظهر  لقطات مصورة من الجو حجما هائلا في مربعات سكنية سواها الاحتلال بالأرض إما بالقصف الجوي، أو المدفعي، أو نسفها.

وبحسب تقديرات أممية في أبريل/نيسان الماضي، فإن التخلص من هذا الركام سيستغرق 14 عاما، لكن مع استمرار التدمير غير المسبوق لكافة أشكال التمدد العمراني في القطاع يمكن أن يستغرق الأمر مدة أطول.

المصدر : موقع سوسنة 

No comments:

Post a Comment

مستعمرون يرعون أغنامهم في ممتلكات المواطنين غرب أريحا

  الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands أقدم مستعمرون، اليوم السبت، على رعي أغنامهم في أعلاف وممتلكات المواطنين في تجمع عرب المليحات بطريق المعر...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????