نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

Sunday, January 19, 2025

وردة القيامة في أريحا: رمز الانبعاث في قاع العالم

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



قد يقضي الباحث عنها عقودا طويلة في النظر الى تفاصيل الارض القاحلة لايجادها لكنه لا ينجح، وقد تختفي هي لسنوات وتعود للظهور فجأة إذا ما توفرت الظروف لذلك.

هي نبتة ساحرة بسبب خصائصها البيولوجية وديمومتها وخلودها وموتها غير الحقيقي؛ إنها وردة أريحا التي غالبا ما تلعب الرياح والرطوبة دورا أساسيا في دورة حياتها في اماكن تواجدها.

في شرق الضفة الغربية في فلسطين تروى قصتها منذ زمن بعيد.

في أقدم مدن العالم وأكثرها انخفاضا عن سطح البحر، تنبت هذه الوردة متوارية بين الهضاب والاودية، تموت ظاهريا لعقود طويلة، لكنها لا تلبث وأن تعود الى الحياة إذا ما تعرضت إلى تأثير الماء والرطوبة.

 وهي تعكس ثنائية الأمل والصمود في وجه أقسى الظروف.

 تتبع مراسل “سوسنة”  قصة هذه النبتة النادرة، التي تعتبر في علوم النباتات حالة غريبة و رمزا لتحدي قسوة الطبيعة واستدامتها الاستثنائية.

 تقاوم  وردة اريحا الاسطورية، الجفاف وتنكمش عندما تتعرض للماء، ثم تنمو جذورها قبل أن تُقتلع من جديد بفعل رياح جديدة، وهكذا تبقى دورة حياتها عبارة عن تحول مستمر بين الموت الظاهري والحياة الساحرة.

معروفة باسم وردة أريحا أو وردة الصحراء أو نبات القيامة، هو نبات موطنه المناطق الصحراوية في أمريكا الوسطى والشرق الأوسط، جعلت قدرته على استعادة الحياة والنهوض من السبات طويل والموت الظاهري رمزا للأمل والبعث في ثقافات عديدة.

وتم العثور على النبات ايضا في الأمريكيتين، وفي المناخات القاحلة التي اكتشفها المبشرون الإسبان. 

ولدى وردة أريحا قدرة استثنائية على التكيف مع الظروف القاسية، حيث يتمتع هذا النبات الفريد بالقدرة على التكيف مع الجفاف والدخول في حالة من السكون لفترات طويلة تصل الى سنين.

وفي هذه الحالة، يمكن أن يبقى على قيد الحياة لسنوات وحتى عقود ، دون الحاجة إلى الماء أو ضوء الشمس.

هناك قول حول هذه الوردة” ضع وردة أريحا الجافة في وعاء به ماء، ستعود الى الحياة بعد يوم”.

يشار الى  قوة وردة أريحا الغامضة عند الحديث عن قدرتها على الصمود الاسطوري.

فقد تجف وتتلوى أوراقها وتنكمش الى الداخل وتصبح مثل الكرة وكأنها بلا حياة، لكن بمجرد أن تلامس الماء، تعود إلى الحياة مرة اخرى، فتصبح خضراء وهي بذلك ترمز الى الانبعاث.

هي رمز لدورة الحياة وقوة الانبعاث.

يقول موفق هاشم رئيس جمعية النباتات الطبية بأريحا في مقابلة مع “سوسنة”  أن وردة اريحا و يسميها السياح الاجانب (جريكو فلور)عادة ما تظهر في شهر تشرين الاول مع بداية ظهور الرطوبة ولكن اختلاف الطقس والجفاف يكون حائلا احيانا دون عودتها الى الحياة.

واضاف انها تكون بين الصخور وتأخذ لونها، وبحكم وجود الكثير من التلال وسفوح الجبال تحت سيطرة الاحتلال يصعب البحث عنها في كثير من المناطق.

يذكر هاشم أن فريقا علميا من المانيا جاء الى فلسطين مطلع الالفية الثانية للبحث عن الزهرة، والتقى آنذاك مع مسؤولين من وزارة الزراعة وسلطة جودة البيئة، ولكن المشروع توقف أو تأجل بسبب أحداث الانتفاضة الثانية. 

ويضيف فلسطين غنية بالنباتات البرية و اريحا والاغوار شهدت ظهور التجمعات الزراعية منذ آلاف السنين.

وتشير مواقع طبية متخصصة بالطب البديل والعلاج بالأعشاب الى فوائد وردة أريحا في علاج بعض الاعتلالات الصحية والنفسية.

رغم أنه لا يوجد دليل علمي واضح يدعم هذه الادعاءات، لكنها تبقى عادات وهوية ثقافات متراكمة عبر السنين. 

 تحتوي وردة أريحا على مجموعة متنوعة من المكونات النباتية المفيدة مثل حمض الكلوروجينيك، و الكيرسيتين، واللوتولين، والكامبفيرول. 

واستخدمتها الثقافات القديمة في جميع أنحاء العالم لعلاج مجموعة متنوعة من الاعتلالات الصحية، بما في ذلك كمسكن مفترض للألم، وتحفيز الولادة، وتخفيف تقلصات الدورة الشهرية.

يتم استخدامها كدواء شعبي في أواخر الحمل، وخاصة قبل الولادة بسبب الاعتقاد التقليدي بأنه يجعل الولادة أسهل، ويقلل النزيف الرحمي، ويجعل من السهل إخراج الجنين الميت.

ولذلك يجري تسويقها عالميا عبر المتاجر الالكترونية باسم وردة اريحا سواء للزينة او الاستخدامات الطبية او كهدايا في المناسبات.

بالامكان البحث بسهولة عن الأماكن التي تعرض هذه الوردة، منها مواقع ذات شهرة عالمية مثل امازون.

والمفارقة هنا، رغم تلك الشهرة العالمية العلمية لها، قال قلة من سكان اريحا أنهم سمعوا بها، عندما استطلعت آراؤهم عن أماكن وجودها.

 رغم ان بعد مركز المدينة عن الاماكن المفترضة لوجودها لا يحتاج إلى أكثر من نصف ساعة تنقلا بالمركبة، الا ان كلمة “وردة اريحا” غير شائعة هنا بعيدا عن محال بيع التحف السياحية.

انها ليست وردة اسطورية نادرة فقط، فهي أيضا محط اهتمام دائم لعلماء النبات ومحبي التنوع الحيوي.

إن البحث عن وردة اريحا، يكون احيانا مثل البحث عن ابرة في كومة قش، وايجادها قد يكون محض صدفة وضربا من الحظ.

قال عماد الأطرش وهو المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية التي مقرها مدينة بيت ساحور لـ ” سوسنة”، أنه على مدار 40 عاما من البحث لم يستطع إيجاد هذه الوردة في الطبيعة المحيطة بمدينة أريحا.

يعتقد أنها موجودة هناك، لكنه لم يشاهدها، لكن بالامكان مشاهدتها في بعض المحال التي يتردد عليها السياح حيث تباع بنحو15 دولارا امريكا. 

وتعرض الزهرة على مواقع البيع بأسعار متفاوتة.

على مر العصور، حظيت وردة أريحا بالاهتمام لتمثيلها الرمزي للقيامة والتجديد. في التقاليد المسيحية،  فهي ترتبط بقيامة المسيح وترمز إلى البدايات الجديدة والحياة الأبدية. 

ويعتقد على نطاق واسع في المجتمعات الغربية،  أنها تجلب الحظ السعيد وتوضع كتعويذة في المنازل لصد الشدائد. 

يحمل الحجاج المسيحيين إلى فلسطين عند زيارتهم للأماكن المقدسة وردة أريحا  إلى ديارهم  كهدية  ذات خصائص إعجازية. 

يفسر الحجاج خصائص وردة أريحا على أنها رمز للقيامة، فيما يصف علماء النباتات هذه الوردة بأنها نبات محب للرطوبة.

 لا تزال هذه الوردة تُباع في محلات بيع الهدايا التذكارية في بعض محال أريحا والقدس وبيت لحم التي يتردد عليها السياح الغربيين. 

يمكن أن تشاهد في المتاجر والمحلات المتواجدة  بالقرب من جبل التجربة( دير قرنطل) وهو جبل مقدس فيه غرف معلقة يطل على مدينة أريحا اعتزل فيه المسيح وصام 49 يوما. 

وبالقرب من تل السلطان اريحا القديمة وظهور أول تجمع بشري يوجد محال تجارية تعنى ببيع المستلزمات والهدايا التذكارية المتعلقة بالسياحة في فلسطين تجد وردة اريحا تتربع على الرفوف مغلفة بعناية كل وردة في صندوق جميل.

ويقول عمر جعباص وهو دليل سياحي ويعمل في أحد محال التحف السياحية، أن السياح من مختلف الجنسيات يقبلون على شرائها .

 ولفت انتباهه بالدرجة الأولى السياح الألمان.

 ويضيف “يبدو أنها تعني لهم شيئاً مرتبط بطقوس دينية يليهم السياح الإيطاليين”.

ويشير جعباص أنه تجرى زراعتها أو احتكار زراعتها مزارع يهودي من مستوطنة (مشاف نعمة) بالأغوار الفلسطينية. 

ويعترف بوجود محاولة فاشلة له لجلب بذور النبتة من الخارج حيث أن سلطات الاحتلال تمنع إدخال البذور أو الأشتال الزراعية من الخارج.

في بعض المناطق المحيطة بأريحا يجري تناقل قصة هذه الوردة بشكل ملفت للانتباه.

قبل 35 عاما، التقى أحمد نجوم من وادي القلط وهي منطقة مفترضة لتواجد الوردة في محيط أريحا، بأحد المهندسين الزراعيين قرب منطقة سكنه بينما كان يبحث عن “وردة أريحا”.

كانت الوردة في وقتها تنبت على مساحات واسعة في المنطقة، بسبب جريان وادي القلط، إلا أن تناقصا واضحا على منسوب جريان المياه في الوادي جعل انتشار الوردة محصورا بالقرب من ضفتي الوادي.

ويقول الرجل “كنت أراها في كل مكان(..)، اليوم يحتاج الأمر الكثير من المشي للوصول إلى أماكن تواجد المياه”.

وحتى في تلك المناطق التي تكثر فيها مصادر المياه، يبدو منظر الوردة كما وصفها “غير طبيعي”.

وقال “لقد وصلت لحال محزن” 

أسباب أخرى يراها نجوم منطقية لانحسار مناطق تواجد هذه الوردة  وهي “الماشية التي تأكل أوراقها وبعض أغصانها الهشة”.

وأوضح نجوم “غالبية المواطنين لا يعرفون عنها شيئا، وحتى تعرف هذه النبتة تحتاج لخبرة طويلة”. 

وأضاف”تأخذ الوردة صفة مميزة، فالوردة حين اقتلاعها تغلق ذاتها، بينما هي كذلك عند اقتلاعها، فإنها تفتح ذاتها عند وضعها في الماء”.

وبحسب رأيه فإن هذه الصفة أكثر ما يجعل الباحثين يهتمون بأمرها.

سوسنة، عبد الرحمن القاسم

No comments:

Post a Comment

وردة القيامة في أريحا: رمز الانبعاث في قاع العالم

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands قد يقضي الباحث عنها عقودا طويلة في النظر الى تفاصيل الارض القاحلة لايجادها لكنه لا ينجح، وقد تختفي هي لسن...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????