الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands
يطلق الاحتلال الإسرائيلي على جدار الفصل العنصري، "جدار منع العمليات الإرهابية"، وتصفه السلطة الوطنية الفلسطينية في بياناتها الرسمية بـ "جدار الضم والتوسع"، ويسميه بعض الإعلاميين بـ "الجدار الاستعماري"، وهو أكبر مشروع إنشائي احتلالي منذ 50 عامًا.
بدء رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون ببنائه في 23 حزيران 2002، بين الضفة الغربية وإسرائيل على امتداد خط الهدنة لسنة 1949. وزعمت إسرائيل أن الهدف من بنائه منع دخول المواطنين الفلسطينيين إلى إسرائيل أو المستوطنات القريبة، بينما يهدف عمليًا لإعاقة حياة المواطنين وضم أراض من الضفة الغربية إلى إسرائيل، ومنعهم من الوصول إلى حقولهم خلفه، ومصادره مواردهم المائية وأراضيهم.
وفي 9 تموز 2004، أفتت محكمة العدل الدولية في لاهاي بعدم قانونية جدار العزل هذا، وطالبت إسرائيل بوقف البناء فيه، إلا أن شيئًا لم يحدث.
3 مراحل
ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد وصلت تكلفته الإجمالية نحو 3.4 مليارات دولار، وبلغ طوله في مرحلته الأولى 115 كيلومترا شمال الضفة الغربية، وأزيح بعمق 6 كيلومترات شرق الخط الأخضر من ناحية الأراضي الفلسطينية، وكان الهدف حينها أن يصل إلى 350 كيلومترا جنوب القدس في مرحلته النهائية.
بدأت المرحلة الأولى من جدار الفصل العنصري ببناء الجدار في مناطق يسميها الاحتلال "حساسة لإسرائيل"، وحددتها بجنين وطولكرم وقلقيلية، وطوله بين 150-167 كيلومترا يبدأ من قرية سالم شمالا إلى عزون العتمة جنوبا، ومنطقة القدس الكبرى.
وتوسع في المرحلة الثانية إلى مستوطنات بيت لحم، مع بناء جدار عازل يمتد من جنوب القدس ويمر ببيت لحم ويفصل جزءا منها عن تجمعاتها السكنية المجاورة ويعزلها، حتى يصل جنوب محافظة الخليل.
وشملت المرحلة الثالثة بناء سياج في منطقة غور الأردن لعزل الضفة الغربية عن الأردن، ويمر الجدار داخل أراضي الضفة وطوله 10 كيلومترات ويمتد على طول الحدود الأردنية. وهدفت إسرائيل في هذه المرحلة إلى تحويل الأغوار، المنطقة الزراعية الأهم في الضفة الغربية وفلسطين، إلى مناطق إستراتيجية أمنية عسكرية إسرائيلية، بهدف فصل الضفة عن الأردن تماما.
ووفق تقارير الهيئة المتلاحقة، يمرُّ الجدار عبر أراض مأهولة وزراعية في الضفة، ويمر في 8 محافظات فلسطينية تضم 180 تجمعًا. وتتوزع مساحة الجدار الإجمالية بين أراض زراعية تشكل 47%، ومستعمرات وقواعد عسكرية وتشكل قرابة 15%، ومناطق مفتوحة وغابات بنحو 34%.
713 كيلومترًا
يبلغ طول الجدار حوالي 713 كيلومترا حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عام 2022، ويدل هذا على تخطي الجدار طول خط الهدنة المقرر عام 1949. ويقع 85% من الجدار داخل أراضي الضفة، و13% منه على خط الهدنة، وحتى نهاية عام 2022 أنجز منه 65%.
ويتراوح عرضه بين 60 مترا و150 مترا، وارتفاعه 8 أمتار، ويُقدر طول الجدار الشرقي الممتد من الشمال إلى الجنوب، بحوالي 200 كيلومتر، وسيطرت إسرائيل عبره على منطقة الأغوار التي تُعتبر سلة الغذاء لفلسطين والمصدر الرئيسي للغذاء للشعب الفلسطيني.
ومن ناحية القدس يبلغ ارتفاع الجدار 8 أمتار، وطوله حوالي 168 كيلومترا، منها 5 كيلومترات تتبع الخط الأخضر، وبقيتها تمتد 22 كيلومترا داخل عمق الضفة الغربية.
ومنعت القيود الإسرائيلية الفلسطينيين من استغلال أكثر من ثلث مساحة الضفة الغربية. حيث تبلغ نسبة مساحة الأراضي المبنية في المستوطنات الإسرائيلية حوالي 3.3% من مساحة الضفة الغربية، علما أنها لا تشمل المناطق المحيطة بالمستعمرات والمواقع العسكرية والطرق الالتفافية وغيرها، التي يهدف منها الجدار للاستيلاء على نحو 15% من مساحة الضفة.
اعتمدت إسرائيل في بناء الجدار على الإسمنت المسلح وبارتفاع يتراوح بين 4.5 و9 أمتار في المناطق المأهولة بالمواطنين الفلسطينيين، وسياج إلكتروني في المناطق ذات الكثافة المتدنية بالسكان، وأسس الاحتلال شبكة من البوابات في الجدار وتعمل فيه بنظام تصاريح مرور، وقد أثبتت تلك النظم عدم جدواها في توفير حياة عادية للمواطنين.
ويضاف أيضا إلى الجدار على طول امتداده: أسلاك شائكة، وخندق يبلغ عمقه وعرضه 4 أمتار، والهدف منه منع مرور المركبات والمشاة، وطريق دوريات، وطريق ترابية رملية الهدف منها تقصي الأثر، وسياج كهربائي مع جدار إسمنتي يبلغ ارتفاعه 8 أمتار، وطريق معبدة مزدوجة لتسيير دوريات المراقبة، وأبراج مراقبة مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار.
وفي تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية في آذار 2003 قال إن إسرائيل تهدف لتقسيم فلسطين إلى 7 كانتونات يسورها ويغلقها الجيش الإسرائيلي ويعزلها عن باقي أراضي الضفة الغربية التي سيجعلها تابعة له في النهاية.
وأوضحت أن الجدار هدف إلى مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية لصالح إسرائيل، عبر إقامة حزامين عازلين الأول شرق الضفة على امتداد غور الأردن، والثاني غرب الضفة على طول الخط الأخضر، لتقسيم المناطق الفلسطينية إلى 4 كتل رئيسية والفصل بينها ماديا.
وأضافت إن الجدار سيطوق عدة مدن ويعزلها عن محيطها في الضفة وعن بعضها البعض، وسيقيد حركة المواطنين فيها ونزوح الآلاف من الفلسطينيين من المناطق المتاخمة للجدار. فضلا عن سيطرة إسرائيل على 21 قرية فلسطينية متذرعة بأنها مناطق عسكرية، عدا عن أنه طوق القدس وعزلها تمامًا.
تداعيات بيئية
وفق تقرير معهد التفاهم في الشرق الأوسط (IMEU) كان لجدار الفصل العنصري تأثير سلبي ساحق على البيئة. ولقد كان لعملية البناء والوجود المادي للجدار آثار ضارة على البيئة في الضفة الغربية. حيث يقع 85% من الجدار على الأراضي الفلسطينية، ويحتل 10% من مساحة الضفة الغربية ويقسم المجتمعات الفلسطينية؛ ويقطع المزارعين عن أراضيهم؛ ويضر بالنظم البيئية المحلية.
كما إن بناء الجدار يعني اقتلاع آلاف الأشجار وتجريف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الفلسطينية. وتشمل بعض الآثار البيئية للجدار إزالة الغابات، وتآكل التربة، وتفتيت النظم البيئية، وفقدان التنوع البيولوجي، والفيضانات، وتهديد الحياة البرية برمتها، بعد تدمير موائلها.
No comments:
Post a Comment