نحو بيئة نظيفة وجميلة

test

أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

Thursday, April 17, 2025

حين تتحـول الحجـارة الى أداة فنيـــة مذهلة

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands



كلُّ يوم، وفي صمت بعيد عن ضوضاء الحياة التي تعصف بنا من كل حدب وصوب، أكتشف أن عالمنا ليس محض مساحة ضيقة تفتقر إلى الموارد، ولا هو ذلك المكان الذي يغرق في اليأس والإحباط.

 هو عالم رحب، واسع، غني بالأشياء البسيطة التي قد تبدو في ظاهرها غير ذات أهمية.

 هذه الأشياء، رغم صغرها وبساطتها، تحمل في طياتها إمكانيات لا حصر لها، وعندما نوجه اهتمامنا لها، نصبح قادرين على تحويلها إلى أشياء مذهلة، مليئة بالجمال والإبداع.

في بعض الأحيان، يغمرني الخيال وأنا أتأمل أشكالًا عادية تتبدل في الأفق: الزخارف الهندسية التي تتناثر في السهول الفلسطينية في فصل الربيع، أو الحجارة التي تحمل في جوهرها معانٍ وطنية عميقة، كما في كلمات أغنية “يا حجار صرتِ الحلم، هِدي أبواب الظلم”. 

قد يكون هناك غصن زيتون مبارك غير مستقيم في تكوينه، وأنت تحدق في هذا الشيء العادي فتكتشف في ذهنك صورة مدهشة.

 تصبح الزخارف وجها حيا، وقطعة الفخار لوحة فنية، والحجر معلما معماريا، والغصن لوحة مرسومة.

من خلال استسلامك لهذا الوهم البصري، تتشكل صور بعيدة عن الواقع الملموس، ولكنها تكون أساسًا لإبداع عمل فني فريد، كما هو الحال في الجداريات التي صنعتها من الحجارة في حديقتي الصغيرة بمدينة جنين( *جنين: مدينة فلسطينية مشهورة بالزراعة شمال الضفة الغربية). 

قد يكون أحدكم قد شاهدني وأنا ألتقط الحجارة وقطع الفخار المتناثرة هنا وهناك. هذا هو ما أفعله في كل مسار بيئي، بجانب عملية توثيق المسار بالصور والكتابة، كأنني أحفظ تاريخ هذه الأرض في لحظات صغيرة.

هذا التصور، أو ذلك الوهم البصري، هو نفسه الذي قاد الفلاسفة والعلماء في العصور القديمة إلى تصور النجوم في السماء ككائنات حية، كما في خرافات “الدب الأكبر” أو “الثور الذي يحرث الأرض”. هذا التصور هو الذي جعلك أيضًا تخرج من حيز الواقع المحسوس لتغمر عوالم الخيال المدهشة، وهو ذاته الذي ألهم الفنان الإيطالي ستيفانو فورلاني ليبدع في أعماله الفنية، حيث قام بتجسيد هذا الإحساس من خلال قوالب فنية مذهلة، جمع مكوناتها من الشاطئ، ونسقها بانسجام لتشكيل لوحات فنية باستخدام الحجارة الشاطئية.

وفي السياق نفسه، كان هذا التصور هو الذي ألهم صديقي، حيدر مخو، لإنشاء كوخ من حجارة الوطن، حمل تلك الحجارة الثقيلة، الجميلة، لمسافات طويلة، ليضعها في لوحة فسيفسائية رائعة تكوّن منها الكوخ. لم يكن تعب حمل الحجارة في حقيبته أمرًا سهلاً، فقد تطلب سيرًا لعدة كيلومترات. 

لكن هذا لم يكن عبثًا أو ترفًا، بل كان عملًا فنيًا توثيقيًا بامتياز، يوثق تاريخ الأرض بكل قطعة حجر فيها.

نقلا عن موقع سوسنة 

No comments:

Post a Comment

قوات الاحتلال تقتحم منطقة "برك سليمان" الأثرية في بيت لحم

 الأراضي المقدسة الخضراء / GHLands اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، منطقة برك سليمان الأثرية جنوب بيت لحم. وأفاد مصدر أمني، بأ...

Post Top Ad

Your Ad Spot

???????